كتابات شيوخ الطرق الصوفية بإفريقيا تكشف تأثرهم بالخصوصيات المغربية في الثقافة والتدين (باحث)

أضيف بتاريخ 05/05/2022
أجرى الحديث: عبد اللطيف أبي القاس - و م ع


أكد الباحث المغربي في قضايا التصوف، ورئيس "المركز المغربي للاستثمار الثقافي" (مساق)، خالد التوزاني، أن كتابات شيوخ الطرق في إفريقيا، تكشف تأثرهم بشكل بارز بالخصوصيات المغربية في الثقافة والتدين، وهو ما ساهم في تعزيز الروابط الروحية بين المملكة ودول القارة.

وقال التوزاني في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الكثير من المفكرين والشعراء والصوفية عبر العالم، قديما وحديثا، كتبوا عن المغرب، وخاصة أولئك الذين زاروا المملكة فتأثروا بمعاملة المغاربة لهم وأعجبوا بثقافة هذا البلد العريق وأصالته، موضحا أن من ضمن هذه الكتابات تلك الأشعار التي نظمها شيوخ التصوف في إفريقيا، والتي تكشف عن تأثرهم بالخصوصيات المغربية في الثقافة والتدين، والنظر إلى المملكة بوصفها القدوة في السلوك.

وأشار إلى أن جامعة القرويين بفاس شكلت محطة أساسية في تكوين العديد من علماء إفريقيا عبر التاريخ، تماما مثلما كان المغرب محطة أساسية من أجل العبور إلى الحج، حيث يأتي الحجاج الأفارقة إلى فاس ثم منها ينضمون إلى ركب الحج المغربي في الرحلة إلى الديار المقدسة.

وأبرز التوزاني أن الصلات الروحية بين البلدين تعززت من خلال الطرق الصوفية، سواء منها الطرق المغربية التي اتخذت لها فروعا في البلاد الإفريقية، أو من خلال تأسيس طرق صوفية جديدة من قبيل الطريقة المريدية بالسنغال، مؤكدا أن هذه الطرق "تستمد من الخصوصية المغربية جوهر وجودها ومشروعية ظهورها، حيث الأثر المغربي يبدو بارزا في الأصول العلمية والنظرية للطريقة المريدية" بالسنغال على سبيل المثال.

واستحضر الباحث في هذا الصدد تجربة مؤسس الطريقة المريدية، الشيخ أحمدو بمبا، الذي "حاول في كتابه (مسالك الجنان) تأصيل نظرية للتصوف تقوم على توحيد الطرق الصوفية متأثرا بما فعله العلامة المغربي الشيخ ماء العينين في كتابه (إني مخاوي لجميع الطرق)، وكذا تأثره بكتاب (دلائل الخيرات)، وقطب المغرب الشيخ عبد الســلام بن مشيش، وبالشيخ أحمد زروق الفاسي الذي يعتبره شيخه.

واعتبر في هذا الصدد، أن مختلف كتابات شيوخ الطرق الصوفية الإفريقية شكلت مجالا للتعبير عن الصلات التاريخية التي جمعت المغرب بدول القارة، مسجلا أن التصوف يمثل إحدى سمات التقارب بين المغرب والسنغال، على سبيل المثال، بل ويعد جزءا من الهوية الإسلامية المشتركة.

وحسب التوزاني، فإن هذه العلاقات تعززت في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بفضل زيارات جلالته المتعددة لهذا البلد، والتي توجت بإلقاء جلالته خطاب المسيرة الخضراء التاريخي يوم 6 نونبر عام 2016 من العاصمة السنغالية دكار، "لإبلاغ رسالة للعالم مفادها أن المغرب والسنغال أكثر من مجرد بلدين؛ فهما قلب واحد يفيض بالخير والنماء على كل شعوب إفريقيا والعالم".

ومما يؤكد عمق هذه الروابط أيضا، يضيف التوزاني، استقبال جلالة الملك لشيوخ الطرق الصوفية السنغالية، وبناء المساجد وتوزيع المصاحف في عدد من دول القارة، وهو ما يكتسي دلالة خاصة تعكس عمق الصلات الوثيقة التي تجمع الطرق الصوفية ومؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب منذ العهود الأولى لانتشار الإسلام في إفريقيا كما تدل على ذلك مجموعة من الرسائل التاريخية والوثائق.

يشار إلى أن خالد التوزاني صدر له كتاب بعنوان "التصوف الإسلامي: نحو رؤية وسطية" ضمن منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وآخر بعنوان "العجيب في الكتابات الصوفية" عام 2015 عن منشورات الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، كما صدرت له كتابات عديدة في التصوف والأدب والنقد.