الإيمان بالوطن محبةً وخدمةً

أضيف بتاريخ 03/10/2023
بوابة أقطاب


لا شك أن التعريف بالوطن من خلال مفاهيم الوطنية والمواطنة، بمرجعيتها الدينية كما بيناه آنفا هو من أهم المعالم التي يجب أن تؤطر العمل الوعظي في هذا العصر، خاصة ونحن في زمان سقطت فيه الحواجز، وتقاربت فيه المسافات، وتحطمت فيه أسوار الخصوصيات! فتيسر التعرض للشر كما تيسر التعرض للخير ! ومن هنا صارت كثير من المفاهيم مهددة بالضعف، أو بالتلاشي والاندثار من مجال التداول الاجتماعي ؛ وذلك إذا لم تجد من يجددها ويحييها

والوطن بما هو خصوصية ذاتية على كل المستويات العمرانية و الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ في حاجة إلى خدمة دائمة في هذا الجانب، أي التربية على ترسيخ مفاهيمه الكلية وخصوصياته الوجودية.

والوطن ليس مجرد خريطة ترابية فحسب؛ ولكنه -فوق ذلك ومعه- انتماء حضاري، وتراكم تاريخي، ونظام سياسي، ومنظومة ثقافية متكاملة ومنسجمة، ورَحِمٌ اجتماعيةٌ راسخة. والحفاظ عليه وتنميته -بهذا المعنى- هو حفاظ على وجودنا الحضاري وتنمية له، وترسيخ لخصوصياتنا واستقلالنا، في سياق الانفتاح على العالم، كل العالم، بلا عقد ولا خوف، بل بمعنويات عالية، وبقوة المنتج لا المستهلك فحسب. ولذا كان الإيمان بالوطن إيمانا بأنفسنا. ولا وجود لمن لا يؤمن بنفسه! ولذلك كان أول واجب على الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ أن يؤمنوا بأنفسهم هم أولا! قال عز وجل:

( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمومنون) (البقرة: 285 )

ولا شك أن عرض المفاهيم الوطنية بعمقها الحضاري، وانتمائها الديني؛ سيعمق محبة الوطن في النفوس، ويجدد عهده في القلوب، ويضمن استمرار الثقافة الوطنية عبر الأجيال[1] .

والخطاب الديني هو الأجدر بحمل هذه الرسالة؛ بما يملك من إمكانات روحية على المستوى التربوي، وقدرات طبيعية على التخليق بالتصورات والمفاهيم