توفي اليوم الجمعة بمدينة الرباط، شيخ الطريقة البودشيشية القادرية، جمال الدين القادري بودشيش، عن عمر يناهز 83 سنة، بعد صراع طويل مع المرض ووسط متابعة واهتمام داخلي وخارجي واسع من أتباع الطريقة ومريديها في المغرب وخارجه.
علم لدى الطريقة بمداغ (إقليم بركان) أن جثمان الفقيد سيوارى الثرى بعد غد الأحد بمقر الزاوية في مداغ، حيث يتوقع حضور رسمي وشعبي واسع يعكس مكانته في الحقل الروحي المغربي وتأثير الزاوية محلياً ودولياً.
وُلد جمال الدين القادري بودشيش سنة 1942 بمداغ ويعد أحد أعلام التصوف البارزين في المغرب، إذ كرّس حياته للتربية الروحية، وترسيخ قيم التقوى والأخلاق، وأسهم في إشعاع التصوف السني المعتدل وخدمة السلم المجتمعي.
بدأ الفقيد تعليمه في الزاوية، ثم واصل دراسته بثانوية مولاي إدريس بفاس، وبعدها انتقل إلى كلية الشريعة، ثم دار الحديث الحسنية بالرباط، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية. في سنة 2001، ناقش أطروحة دكتوراه بعنوان "مؤسسة الزاوية بالمغرب بين الأصالة والمعاصرة"، ليعزز بذلك حضوره العلمي والروحي في المشهد الديني المغربي.
تولى المشيخة رسمياً سنة 2017 بعد وفاة والده الشيخ حمزة القادري بودشيش، حيث واصل تقليد الخلافة العائلية وقيادة الزاوية وفق وصية واضحة، قبل أن يعلن قبيل وفاته نقل الأمانة الروحية إلى ابنه منير القادري بودشيش، ضماناً لاستمرارية القيادة الروحية والبيداغوجية للطريقة.
تُعتبر الزاوية البودشيشية من أكبر الزوايا الصوفية في المغرب وشمال إفريقيا، بمقر رئيسي في مداغ وامتدادات عالمية واسعة. وقد لعبت دوراً محورياً تحت قيادة الشيخ جمال الدين في ترسيخ قيم التصوف المعتدل والتعايش، وأسهمت في إشعاع التصوف المغربي عالمياً عبر لقاءات روحية يحضرها الآلاف سنوياً، خاصة في المناسبات الكبرى.
وفاة جمال الدين القادري بودشيش تمثل مرحلة انتقالية داخل الزاوية البودشيشية، وتبرز مكانة الطرق الصوفية في المجتمع المغربي، ودورها في استقرار التوازن المجتمعي والديني في مواجهة تحديات العصر.