تواصل الزاوية الكركرية حضورها اللافت في المشهد الديني المغربي، مستمدة جذورها من التراث الصوفي العريق، لكنها تقدم نفسها بأسلوب معاصر يثير فضول المتابعين والنقاد في آن واحد. انطلقت هذه الطريقة من مدينة العروي بإقليم الناظور، حيث تولى الشيخ محمد فوزي الكركري قيادتها منذ عام 2007، بعد أن ورث مشعلها عن عائلته. وبفضل نشاطها الدعوي المكثف، تمكنت من جذب مريدين داخل المغرب وخارجه، وتوسعت لتشمل فروعاً في عدد من الدول العربية والأوروبية.
تعتمد الطريقة الكركرية على ممارسات روحية وطقوسية خاصة، أبرزها الاهتمام بـ"المشاهدة" كمرتبة روحية يعتبرها شيخ الزاوية معياراً لصدق الانتماء. يرتدي مريدوها لباساً مرقعاً متعدد الألوان، ويقيمون حلقات ذكر جماعية وحضرات صوفية يتخللها الابتهال والحركة، ما يميزهم عن غيرهم من الطرق الصوفية في المغرب. كما تنشط الزاوية من خلال مبادرات إنسانية ودعوية، من بينها تنظيم القوافل التي تشكل ملتقى لأتباعها، وتُعد مناسبة لإظهار قوة ترابط الجماعة ومكانة الشيخ بينهم.
ورغم الانتشار المتزايد، تواجه الزاوية الكركرية انتقادات من بعض الأوساط التي ترى أن ممارساتها تتعارض مع القيم الزهدية التقليدية، خاصة لدى ظهور مشاهد لشيخها في سياقات اعتبرها البعض باذخة. كما وُجهت إليها انتقادات دينية بسبب طقوس غير مألوفة في السياق المغربي. لكن هذه الانتقادات لم تمنع استمرارها في جذب المهتمين بالتصوف، وبناء شبكات روحية عابرة للحدود.
تعد تجربة الزاوية الكركرية مثالاً واضحاً على تنوع التعبيرات الدينية في المغرب المعاصر، حيث يلتقي الموروث الصوفي بالابتكار الطقوسي، في سياق اجتماعي وثقافي يتسم بالتغير والانفتاح على أنماط جديدة من الممارسة الروحية.