يُعد سيدي محمد بن علي بن مرزوق الغماري من أبرز الأولياء الصالحين الذين تركوا بصمة عميقة في التاريخ الاجتماعي والروحي لمدينة أصيلا المغربية. وفقاً لما ورد في دراسة نشرتها بوابة الرابطة المحمدية للعلماء، فقد انتقل هذا الولي الصالح من منطقة غمارة إلى أصيلا في بداية القرن الثاني عشر الهجري، حيث عمل في البداية في مهنة البناء.
ارتبط اسم ابن مرزوق ارتباطاً وثيقاً بشخصية بارزة أخرى في تاريخ المدينة، وهي سيدي محمد بن العربي غيلان، حيث عمل في بناء داره وأصبح من المقربين إليه. وتجلت هذه العلاقة الوطيدة في حفظ عائلة غيلان لوثيقة ملكية دار ابن مرزوق لعقود طويلة، كما خلدت ذكراهما معاً في الأهازيج الشعبية التي كانت تتغنى بها نساء أصيلا في المناسبات.
حظي سيدي محمد بن مرزوق بمكانة روحية مرموقة، حيث اشتهر بالزهد والصلاح وذاع صيته في المدينة وخارجها. وقد تجلى تقدير السلاطين العلويين له في زيارات متعددة، منها زيارة المولى سليمان عام 1238هـ، والمولى عبد الرحمن عام 1243هـ، حيث صلى معه في جامع سيدي عامر الذي بناه المترجم بجوار داره.
يقع ضريح سيدي محمد بن مرزوق في الجهة الغربية من أصيلا، قرب برج سيدي ميمون، وقد تحول مع مرور الزمن إلى مركز روحي واجتماعي مهم. ويتميز بناؤه بطراز معماري مغربي أصيل، يضم قبة وفناء وغرفاً للإقامة، كما يحتوي على بئر ماء كان الناس يتبركون بمائه.
استمر تأثير هذا الولي الصالح في الحياة الاجتماعية لأصيلا حتى بعد وفاته عام 1251هـ، حيث ظل ضريحه مركزاً للعديد من الأنشطة الاجتماعية والدينية. وكان أهل المدينة يحيون فيه ذكرى المولد النبوي ويقيمون حفلات ختان أطفال الفقراء، كما اختار بعض الأصيليين كتابة عقود الزواج والبيع والشراء في رحابه تيمناً وتبركاً.
وللحفاظ على استمرارية هذا الصرح الديني والاجتماعي، حبس أهل أصيلا عليه أملاكاً عقارية، وتعاقب على الإشراف عليه أعقاب أخيه سيدي عبد القادر بن مرزوق. وما زال ضريح سيدي محمد بن مرزوق يمثل اليوم معلماً تاريخياً وروحياً بارزاً في مدينة أصيلا، يشهد على عمق التراث الديني والثقافي للمدينة.
تم الاستناد إلى المصدر الأصلي للمقال من هنا :
سيدي محمد بن علي بن مرزوق، دفين أصيلا - بوابة الرابطة المحمدية للعلماء