تعاليم ووصايا الشيخ أبي العباس التجاني رضي الله عنه

أضيف بتاريخ 10/04/2022
التجانية


هذه قراءة موجزة في الرسائل المنسوبة لسيدنا الشيخ رضي الله عنه، الواردة في كتاب جواهر المعاني، وذلك لأهميتها ونفاستها من جهة، وللفت عناية المحبين إلى قراءتها ودراستها واستخلاص العبر والدروس منها من جهة أخرى. 

أول ما أوصى به رضي الله عنه في الرسالة الأولى: وأكد عليه، هو تقوى الله تعالى وارتقاب المؤاخذة منه في الذنوب والمخالفات، وإن وقعت المخالفة، والعبد غير معصوم، فعليه بالمبادرة بالتوبة والرجوع إلى الله، كما حذر رضي الله عنه من الأمن من مكر الله، وحذر الفقراء من التفريط في الورد ومن مقاطعة الخلق، وحث رضي الله عنه على التزاور في الله، والمواصلة في الله، والإطعام في الله، والصبر لأمر الله. كما حث رضي الله عنه على الإكثار من مكفرات الذنوب، كصلاة الفاتح وصلاة التسبيح ودعاء: " اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي" ووظيفة اليوم والليلة وغيرها من الأذكار التي يرجع إليها في مظانها.

وفي الرسالة الثانية: أمر الشيخ رضي الله عنه بحفظ الحدود الإلهية وترك مخالفة أمر الله، وبالتزام نصيب من مكفرات الذنوب كالحزب السيفي، والمسبعات العشر، وصلاة الفاتح. وأمر رضي الله عنه بالمحافظة على الصلوات المفروضة في الجماعة، وعلى ذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبالمحافظة كذلك على التصدق في كل يوم وليلة، وحث على صلة الرحم وطاعة الوالدين، وتجنب البحث عن عورات المسلمين، وعلى الإكثار من العفو عن الزلل والصفح عن كل مؤمن، وعلى عدم الاعتراض على الناس بما أقامهم الله فيه، وعلى التزام خلوة الذكر، وأقل ذلك عند الورد اللازم للطريق، وأمر رضي الله عنه بطاعة المقدم والتزام الوظيفة ولو مرة بين اليوم والليلة.
وبعد ذلك أوصى المقدمين أن يعفوا عن الإخوان، وأن يصلحوا ذات بينهم، وان لا يتشوفوا لما في أيدي الفقراء؛ بل حث رضي الله عنه المقدمين أن يحفظوا ما في أيدي الإخوان من التبذير والتشتيت.
كما نبه إلى وجوب التسليم للعامة ولولاة الأمر، وعدم التعرض للرياسة، وحث في آخر هذه الرسالة على الوقوف بباب المتعال عند حلول المصائب بالتضرع والابتهال، وأمر رضي الله عنه بالصبر على المصائب والرضا بالقضاء والشكر التام على النعماء.

وفي الرسالة الثالثة: حث رضي الله عنه على الصبر ثم أمر بالتواصي بالصبر والتواصي بالرحمة، ومراعاة هذه الحقوق في غير كلفة ولا ثقل ولا تكلف.
وفي آخر الرسالة أمر الفقراء أن يصونوا قلوبهم من أن يبغضوا من فعل حقا يخالف هواهم، أو أن يحبوا أحدا فعل باطلا أو هدم حقا يوافق هواهم، واستدرك رضي الله عنه قائلا :"إن بغض أهل الباطل محله القلب فقط، لا يخرج إلى الجوارح لان ذلك يؤدي إلى منكر أعظم منه".

والرسالة الرابعة:تضمنت وصيتين مهمتين، الأولى هي التعلق بالله تعالى في كل الأحوال، والتعويل عليه بالقلب، والرضا بحكمه في جميع الأمور، والصبر لمجاري الأقدار الإلهية؛ وبين الوسيلة إلى ذلك كله وهي الإكثار من ذكر الله تعالى بحضور القلب، وأكثر الذكر فائدة هو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والثانية هي وجوب ترك المحرمات المالية أكلا ولبسا ومسكنا.

والرسالة الخامسة:استهلها رضي الله عنه بوجوب تقوى الله تعالى، وبما أن التقوى أمر صعب في هذا الزمان، وجه إلى كثرة الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة التضرع والابتهال إلى الله تعالى. قال رضي الله عنه: "إن الله غفور رحيم بعباده، ودود غني كريم، يستحيي لكرمه، إذا رأى عبدا قد تعود الوقوف ببابه ولو في اقل الأوقات، أن يسلمه للمصائب التي لا مخرج منها".

وفي الرسالة السادسة: أمر رضي الله عنه بالمحافظة على قوله عليه السلام: "ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجيات فهي تقوى الله في السر والعلانية، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر. وأما المهلكات فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه"، وأرشد رضي الله عنه في هذه الرسالة إلى الحلول لمواجهة تحرك الشر من الناس من غير سبب، فالحل الأمثل والوجه الأعلى هو أن يقابل هذا الشر بالإحسان، والوجه الذي هو دونه هو الصفح والعفو، وإلا فالصبر لثبوت مجرى الأقدار. وان اشتعلت على الإنسان نيران شر الخلق فليدفع بالتي هي أحسن وليهرب إن قدر الخروج من مكانه، فان لم يجد فليدافع بالأقل فالأقل من الإذاية، وليفعل ذلك ظاهرا، ويكثر من التضرع إلى الله تعالى.

وفي الشق الثاني من هذه الرسالة، أمر الشيخ رضي الله عنه بشكر نعم الله ومقابلتها بطاعة الله، وأشار إلى أن قراءة الفاتحة بنية الشكر هي أعلى وجوه الشكر. كما أمر رضي الله عنه وأرضاه في آخر الرسالة بوجوب المحافظة على قواعد الشرع في معاملة الأسواق، بتجنب الغش والتدليس والكذب، وحذر من أكل الحرام.
وفي الرسالة السابعة: بعد أن ذكر الفقراء بعلو مقامه رضي الله عنه عند الله، تحدثا بنعمة مولاه، أمرهم وأكد عليهم بوجوب تعظيم حرمة الأولياء الأحياء منهم والأموات وعدم إهانتهم.

وفي الرسالة الثامنة: بين رضي الله عنه الكيفية لصحة التوجه إلى الله تعالى في الذكر، أولا: أن يكون الذكر طلبا لوجه الله الكريم لا لغرض؛ ثانيا: صيانة اللسان من المخالفات القولية من غيبة ونميمة وكذب وسخرية؛ ثالثا: صون القلب من الكبر والحسد وظلم الناس والبغض لغير أمر شرعي، إلى غير ذلك من جميع الأمور التي لا ترضي الله عز وجل.

وفي الرسالة التاسعة: أشار الشيخ رضي الله عنه لمن سأله عن التصرف ببعض الأذكار والأسماء وخواصها أن لا يتعب نفسه في تتبع تلك الأسرار والخواص، وختم رضي الله عنه الرسالة بقوله عز وجل: "فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم".
وأما الرسالة العاشرة والحادية عشر والثانية عشر فهي عبارة عن إجازات وأجوبة خاصة.