أحكام الثواب والعقاب

أضيف بتاريخ 12/23/2022
الأشعرية


إن الله تعالى لا تنفعه طاعة كما لا تضره معصية، وليست الطاعة مستلزمة للثواب، وليست المعصية مستلزمة للعقاب، وإنما هما أمارتان تدلان على الثواب لمن أطاع والعقاب لمن عصى

من المقرر عند أهل السنة أن الله تعالى منفرد بخلق أفعال العباد، وأنه ليس لهم منها شيء سوى الكسب، وعلى هذا الأساس فإثابته سبحانه وتعالى للعباد إنما هو بفضله الخالص، الذي يعني الإعطاء عن اختيار كامل لا عن إيجاب.
وإلى هذا المعنى يشر الشيخ إبراهيم اللقاني في منظومته "جوهرة التوحيد"
فإن يثبنا فبمحض الفضل === وإن يعذب فبمحض العدل

ومذهب أهل السنة قائم على أساس أن طاعات العبد وإن كثرت لا تفي بشكر بعض ما أنعم الله به عليه فكيف يتصور استحقاقه عوضا عليها؟ (1)

وإذا كان المذهب الأشعري قائما على أساس أنه ليس لأحد على الله تعالى حق فذلك لأن الإنعام يوجب على المنعم عليه الاشتغال بالشكر والخدمة، ونعم الله تعالى على العبد في الماضي والحاضر كثيرة خارجة عن الحصر والإحصاء كما قال تعالى : (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا) [إبراهيم : 34]، إن هذه النعم توجب على العبد الاشتغال بالطاعة والشكر دون أن يكون ذلك علة لاستحقاق الثواب على الله تعالى.(2)

أما عقابه سبحانه وتعالى للمذنبين فبمحض عدله الذي يعني: وضع الشيء في محله من غير اعتراض على الفاعل، ضد الظلم الذي يعني وضع الشيء في غير محله مع الاعتراض على فاعله.

وخلاصة هذا المبحث أن الله تعالى لا تنفعه طاعة كما لا تضره معصية، والكل بخلقه، فليست الطاعة مستلزمة للثواب، وليست المعصية مستلزمة للعقاب، وإنما هما أمارتان تدلان على الثواب لمن أطاع والعقاب لمن عصى.
ومن القضايا النظرية التي يناقشها أهل السنة في هذا الباب وهي فرع عن تصورهم للفعل الإلهي وأنه لا حالق إلا الله تعالى هي قولهم: يجوز لله تعالى عقلا أن إثابة العاصي وتعذيب المطيع. وهذا القول منهم من حيث الجواز العقلي الذي يقتضي أنه سبحانه وتعالى يتصرف في ملكه كيف يشاء، أما النظر في هذه المسألة من حيث واقع الشرع فلا يجوز خلف الوعد لأنه سفه، وأما الوعيد فيجوز الخلف فيه لأنه كرم وفضل.

--------------------------------------------
(1) - تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد، للشيخ إبراهيم بن محمد البيجوري، الصفحة: 120 ضبط عبد الله الخليلي، دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الثانية 2007.
(2) - كتاب الأربعين في أصول الدين للإمام فخر الدين الرازي، الصفحة: 382 تحقيق د. أحمد حجازي السقا، دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى 2004