البعد الصوفي مكون أساسي في توطيد العلاقات بين المغرب وعمقه الإفريقي (أستاذة جامعية)

أضيف بتاريخ 06/12/2022
و م ع

قالت أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، كريمة بوعمري، اليوم السبت بالداخلة، إن البعد الصوفي يعتبر مكونا أساسيا في توطيد وتثمين العلاقات التي تربط المغرب بعمقه الإفريقي.



وأكدت السيدة بوعمري، في محاضرة علمية نظمها المجلس العلمي المحلي لأوسرد بعنوان "دور التصوف في تفعيل الدبلوماسية الروحية بين المغرب وإفريقيا"، أن البعد الروحي والصوفي شكل أهم دعامات الروابط التاريخية العريقة بين المملكة ومجالها الإفريقي بسبب امتداد وتأثير العديد من الزوايا التي انتشرت فروعها في معظم بلدان القارة، وحرصت على الاستفادة من التجربة الروحية للمغرب التي ترتكز على التصوف الأخلاقي.

وأوضحت، خلال هذا اللقاء المنظم بتنسيق مع فريق البحث والتكوين في تراث وثقافة الصحراء المعتمد بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالداخلة - وادي الذهب، أن الطرق الصوفية بالمغرب عملت على مد جسور الترابط الديني والروحي مع إفريقيا جنوب الصحراء، حيث كان للمشيخة المغربية امتداد وحضور قوي في نشر التصوف الجنيدي القائم على شواهد الشرع من غير إغراق في التكلف، فتكونت زوايا إفريقية لهذه الطرق الصوفية وأصبحت امتدادات روحية للمغرب وملحقات ثقافية وعلمية له، مما عزز من ارتباط مريديها بالمملكة.

وأضافت السيدة بوعمري، وهي عضو بالمجلس العلمي المحلي لسلا، أن امتداد هذه الطرق ذات المنشأ المغربي إلى إفريقيا ساهم في دعم هذه الروابط الدينية بين الجانبين، حيث تشبعت التجربة الصوفية الإفريقية بالطابع المغربي الذي يدعو إلى نشر مبادئ الإسلام وقيمه وترسيخ قواعده ونشر ثقافة السلم ومبادئ المحبة والتسامح في إفريقيا جنوب الصحراء، مما شكل مرجعية دينية مبنية على التكامل بين العقيدة والفكر والسلوك.

وأبرزت أن الدبلوماسية الروحية، التي يقدمها المغرب، تشكل حلقة وصل قوية بين الشعوب الإفريقية، كما تعمل على نشر السلم والأمن لتوفير فكر تحصيني ضد التيارات المتطرفة التي أصبحت تهدد أمن الكثير من الدول، مؤكدة أن التصوف وما يحمله من قيم كفيل بتعزيز الأمن الروحي بين الدول.

وأضافت السيدة بوعمري أن هذه الدبلوماسية الروحية تقوم بدور التقريب بين الشعوب ونشر ثقافة التسامح والمحبة والسلام، معتبرة أن هذا الدور هو الذي يضطلع به المغرب في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث أضحت المملكة نموذجا في التأسيس لقيم التآخي بين الدول الإفريقية.

وأشارت إلى أن العلاقة بين المغرب وإفريقيا تتجلى، على الخصوص، في مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي اعتمدت في تحقيق أهدافها على تنظيم عدة ندوات علمية ركزت خلالها على مواضيع التسامح والاعتدال والوسطية والعقيدة الأشعرية ومباحثها والفقه المالكي والتصوف الجنيدي وغيرها، كما عملت على تنظيم مسابقات في حفظ القرآن الكريم في إفريقيا.

وتتمثل هذه الدبلوماسية الروحية، كذلك، في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات الذي يهدف إلى تخريج نخب دعوية وفقهية وإرشادية مغربية وأجنبية متشبعة بالفكر الوسطي المنافي للتطرف العقائدي، من بينهم مئات الطلبة الوافدين من بلدان إفريقية من أجل التكوين كأئمة بهدف توعية شعوبهم بالدين الإسلامي وقواعده، وبالتدين المغربي المبني على الوسطية والاعتدال.

كما تبرز هذه الدبلوماسية، تضيف السيدة بوعمري، في الزيارات التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإفريقيا، والتي تروم تقوية روابط التضامن والتعاون بين المغرب وبلدان القارة في مجالات السياسة والاقتصاد، وما يرافق هذه الزيارات الملكية من توزيع لآلاف النسخ من المصحف الشريف برواية ورش عن الإمام نافع، بالإضافة إلى بناء المساجد في إفريقيا والتي تضم مركبات ثقافية وقاعات للندوات ومرافق ثقافية وروحية.

وخلصت إلى أن العلاقة بين المغرب وعمقه الإفريقي هي تعبير عن انتماء حضاري عميق وعلاقات تاريخية ممتدة بين الجانبين، مما نجم عنه امتداد للتدين المغربي بكل مكوناته قي العمق الإفريقي، فكان التفاعل بين العاصمة العلمية للمغرب وحواضر العلم بإفريقيا ممثلا في تدارس وتدريس المصنفات المغربية مثل كتاب "الشفا" للقاضي عياض وغيره من المؤلفات.

وتم في ختام هذا اللقاء، الذي حضره رئيسا المجلسين العلميين المحليين لوادي الذهب وأوسرد وفعاليات تربوية وأكاديمية جهوية، توقيع كتاب "مطلات على علم التصوف" للأستاذة كريمة بوعمري، إضافة إلى توزيع الشواهد والجوائز على الفائزين في مسابقة الباحثين الشباب.