تاريخ المساجد في المغرب

أضيف بتاريخ 08/13/2021
موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية


يجد فن الهندسة المعمارية المغربي ازدهاره الكامل في تزيين الصُّروحِ الدِّينيةِ عموماً، وتجميل المساجد على الأخصّ. فقد تشكل الغِنى الملحوظ للتراث المعماري للمساجد المغربية عبر مختلف الأُسَرِ الحاكِمة المغربية عبر مختلف الأُسَرِ الحاكِمة التِي اعتلت عرش المملكة على التوالي، وذلك باعتبارِ هذا التراث ثمرة سيرورةٍ طويلةٍ من التأثير المتبادل بيْن الثقافاتِ والحضارات

وقد تميز عهدُ الأََدارسة ببناء مسجدِ القرويين في فاس، وأعادت تشييده ووسعته فاطمة الفهرية في عام 245 للهجرة. وهو مسجد يشهد على تطوّر الفنّ المعماري المغربي وعلى مظاهره الفنّية التي كانت تتغيَّر من عهدِ دولةٍ إلى عهدِ دولةٍ أخرى. وهكذا، فإنّنا نجد فيه قاعة الصلاة العجيبة الإسبانية الموريكسية التي يرجع تاريخها إلى العهد الموحّدي، والتي تأثَّرت بالفنِ الأندلسي.

ويبدو أنَّ أوّل مسجدٍ أُسِّسَ هُوَ ذاكَ الذِي شُيِّدَ في أغمات غيلان قرب مراكش عام 85 للهجرة، في فجر الحضُوِر الإسلامي في المغرب. ومع انتشار الإسلام في مختلف جهاتِ المملكة، والمكانة التي احتلها المسجد على مر الزمان في القلوب وفي نفوس المغاربة باعتباره مكانا لعبادة، وللقاء والتعليم، فقد وضعَ المعلمون الحرفيون المغاربة قواعِد فنٍّ معماري استثنائي؛ فن سيطبع، من قريب أَو من بعيدٍ، كل مساجِد العالم الإسلامي تقريباً.

وإلى عهد الموحِّدين كذلك يرجع تاريخ بناءِ مسجد الكتبية في مراكش. هذا المسجد منارة روحية لعاصمة الجنوب المغربي، وقد شُيِّدَ على مساحة 3500 م2. وكان يشتمل على 17 جناحًا و11 قُبَّة مزيَّنة بالنّقوش، ويبلغ ارتِفاعُ منارتِه المربَّعة ثمانين متراً تقريباً. وصُنِعَ المنبر، وهو أحد تُحَفِ فنَّي النِّجارة. والنّقش الإسلاميين، من خشب الصَّندل وهو مُزَيَّنٌ بصفائح فضية وذهبية، في قرطبة من حيث استقدم عام 1150 للهجرة. والمواد المستعملة، في الأغلب، لتزيينِ الجزءِ الأسْفلِ من جدرانِ المسَاجِد هي "الزلّيج"، هذه المربَّعات الطِّينية المشويَّة والمُبَرْنَقَة والملوَّنة بشكْلٍ غَنِيٍّ ويُستعمل الجصُّ المنقوش في أعلى الأعمدةِ والجدران. وهو ممدودٌ، بصفةٍ عامة، بواسطةِ إفرِيزٍ من خشب الأرز من غابة الأطلس المتوسط. أما الزّخارف التي نجد في الأغلب، فهي إمَّا من أصلٍ هندسي أو من فنِّ الخطِّ.الأرابِسك.

ومسجد الحسن الثاني، الذي ابتكر تصميمه المهندس المعماري الفرنسي ميشل بنسو، هو جوهرة معمارية ودينية حقيقية، بل هو أكبر صرح ديني في العالم بعد المسجد الحرام بمكّة، وقد دشِّنَ مسجد الحين الثاني يوم 30 غشت 1993 بعد سبعةِ أعوام من الأشغال، وهو مبني على فضاءٍ هائلٍ يتقدم بشكلٍ خاص على المحيطِ الأطلسي.

والمنارة المرتفعة بمائتي متر مُزَوَّدَة بجهاز ليزر، يبلغ مداه ثلاثين كيلو متراً، وهو في اتجاه القبلة على الدوام. هذا الصرح الذي يمكن أن يستقبل أزيد من ألف مصلّ، خمسة وعشرون ألفا منهم داخل قاعة الصلاة المَهيبة، يحتضنُ كذلك خزانةً، ومتحفاً ومدرسةً قُرآنية من بينِ ملحقاتٍ أخرى.

ويجمع تصوُّرُ تَصْمِيم بنائه بين الهندسة المعمارية التقليدية المغربية وتكنولوجيا عالية بسقفه القَابِلِ للنّقل. كما يَتألف التّزيينُ الرَّائِعُ لهذه التّحفة المعمارية من الزليج، والأربيسك، والجص والخشب المنقوشين. ومن ثم فإنه يجمع كل مكوّناتِ الفنُونِ التقليدية المغربية التي تطلّبت تجنيدَ أزيد من ثلاثة آلاف صانعٍ تقليدي يشهد جمالُ الأعمال الفنّية المنجزة على موهبتهم وعبقريتهم.