جوانب من تاريخ الزاوية الناصرية

أضيف بتاريخ 12/01/2020
albahboha.com


مشيخة أحمد بن محمد ابن ناصر(ولادته -نشأته-مشيخته)
ولد الشيخ أحمد بن محمد ابن ناصر في عام(1057-1647)داخل أسرة متصوفة، أبوه محمد ابن ناصر وأمه حفصة بنت عبد الله الأنصارية.، تذكر المصادر أنه تتلمد على يد والده أولا ثم على يد عدة شيوخ أمثال(سالم العياشي ومحمد بن أبي الفتوح التلمساني ومحمد بن عبد المؤمن الدرعي)ومن المشارقة (ابراهيم حسين الكوراني وأبي العريف أحمد العجمي...).
هكذا إذ ساهمت نشأة الشيخ داخل جو متصوف وعالم في جعله أفضل خلف لوالده، بالإضافة إلى تعليمه وسفره المبكر مع والده الذي أتاح له الفرصة للقاء بعدة علماء ومتصوفة أخد عنهم العلم والفقه، تلك كلها عوامل ساهمت في جعله شيخا نيرا مقتفيا أثر والده في تسير أمور الزاوية بعدما راهن عليه والده في تسيير امورها:من فما هي مبررات اختيار هذا الشيخ دون غيره من إخوته؟
وكيف تم هذا الاختيار؟
تدكر المصادر أن أغلب التبريرات التي كان يقدمها الشيخ محمد بن ناصر كانت كلها تدخل ضمن الكرامات، وهو ما جعل الأمر محسوما، وقد حاول الشيخ الناصري تجاوز كل الخلافات التي من الممكن مواجهتها من طرف الانصار عن طريق الزواج بحفصة الأنصارية وتولية ابنها أحمد الانصاري من جهة الأم ،والناصري من جهة الأب، وبهدا يفض النزاع حول المسألة.كما تفطن لنزاع اخر قد يكبر بعد وفاته وأضفى على الأمر نوع من القدسية لحسم الموضوع.فينتقل الأبناء بعد ذلك كل إلى جهة، ويجعل منها مستقرا له فياسس بها زاوية له كفرع من فروع الزاوية .رغم كل هذه الخلافات لم تحرك من تبات واستقرار الزاوية من شيء، بل ساهمت في ثبات واستقرار الزاوية بتلك الفروع.
هكذا تولى أحمد بن محمد ابن ناصر أمور الزاوية بتامكروت، واقتفى أثر والده وانتشر صيته بالمغرب والمشرق إلى أن ازدادعدد مناصريه ودعاته حتى شملت جنوب افريقيا (السودان)، وما حلت سنة 1128-1716 حتى انتشرت وتوسعت نفود الزاوية في كافة أرجاء البلاد وخارجه، إلا أن الأجل حل دون معارض ليأخد الأمانة، وذلك سنة 1129-1717 بعدما أسس دعائم قوية للزاوية، وترك بعدها شيوخ عز نظيرهم ليضمن بهم استمرار الزاوبة.
خلفاء الشيخ أحمد الخليفة
1-موسى بن محمد الكبير
هو موسى بن محمد الكبير بن الشيخ محمد ابن ناصر،ولد بتامكروت سنة 1076-1666 كفله عمه الخليفة مبكرا وأشرف على تعليمه، تحدت عمالك حول خلفية اقامته في تامكروت وأرجعها إلى عودته للزاوية بغرض طلب العلم خاصة، وأن عمه الخليفة ليس له أولاد فتكفل بموسى وبعض أبناء اخوته، تلقى بعض علوم اللغة من عمه علي بن محمد ابن ناصر .
1-كل اخوة الشيخ الكبار توفوا قبل وفاة أحمد الخليفة.

 

2- موسى هو أيضا أنصاري من جهة الأم، ما يجعل الأمر فيه نوع من الشرعية وتجنبا للوقوع في صراع بين الانصاريين والناصريين .
3- الشيخ أحمد الخليبفة كان دائما يعمل على اعداد موسى لتولية مشيخة الزاوية.
4- كما كان موسى أكبر حفدة الشيخ محمد ابن ناصر .
كل مبررات وشروط تولية موسى كانت متوفرة، إلا أنه عرف بعض المعارضة من أقربائه وخاصة الشيخ (الحسين بن محمد ابن شرحبيل البوسعيدي)الذي كان أخص تلاميذ أحمد الخليفة وزوج أخته ومستشاره، غير أنه وبمساعدة من المخزن تمت تنحية الشيخ شرحبيل و تولية موسى شيخ على الزاوية، استطاع توسيع نفود الزاوية ما جعل منه كثير الرحلة إذ كان يطوف لأجل تفقد أوضاع الزوايا الفروع وتلقين الأوراد.استمر الوضع هكذا حتى وفاة الشيخ أثناء طوافه بزاوية الفيض سنة 1142-1730 .
نستنتج من كل بعض هذه الأحداث أن عهد موسى طبعه الصراع منذ بدايته إلى نهايته، بالاضافة إلى تذخل المخزن المباشر في شؤون الزاوية، بالرغم من كل ذاك ظلت السلالة الناصرية محتفضة بتماسكها وتوسعها الروحي والمادي والذي أكملته المشيخات فيما بعد.
2- عبد الله بن محمد الكبير
عبد الله بن محمد الكبير شقيق الشيخ موسى، ولد في تامكروت تلقى الورد عن عمه أحمد الخليفة كما اشتهر بعلمه الغزير خاصة في الفراءات، غير أن عهد الشيخ لم يلفت انتباه المؤرخون الذين أرخو لتاريخ الزاوية وذاك لقصر مدة مشيخته حيث، لم تمضي على مشيخته سوى تلاثة أشهر ثم تخلى عنها،وتوفي بعد ذلك بقليل عام 1143-1731.
3-جعفر بن موسى
ولدجعفر بن موسى بن محمد الكبير بن محمد ابن ناصر بتامكروت، بعد وفاة عمه تولى شؤون الزاوية، وتصدر لتلقين الأوراد،كما قام بتجديد مسجد الخلوة.طبع عهده بالهدوء والاستقرار، كما عاصر فترة الجفاف والأوبئة والمجاعة .ولعل كل هذه الظروف فسحت المجال أمام توسع نفود الزاوية وكسب المزيد من الأتباع وذلك حسب ذكر عمالك في كتابه استمر الوضع هكذا الى حين وفاة الشيخ جعفر ستة1157-1744.
4-يوسف بن محمد الكبير
ولد يوسف بن محمد الكبير بتامكروت عام 1114-1703.مكت بتامكورت، حتى وفاة والده سنة 1714 لينتقل إلى تامكروت ليكفله عمه حتى وفاته، وبعدها تكفل بتربيته موسى وبقي هوالاخر معه حتى وفاته .فولي خلافة أمور الزاوية إلا أنه رفض ذلك مرشحا ابن اخيه جعفر (لكبر سنه وعلو شأنه)، لذلك يذكر عمالك أنه لم يتولى شؤون الزاوية إلا بعد وفاة جعفر .
وقد ذكر عمالك في كتابه أن الشيخ يوسف لم يكن يعتمد على أحد في شؤون الزاوية، بل كان يباشر كل شيء بنفسه دون اتكال على أحد، كما يضيف أن نفود الزاوية وصيتها ازداد في عهده، كما يعتبر الشيخ يوسف أول شيخ يربط اتصالات مباشرة مع سلطان الوقت على حد تعبير عمالك، هذه العلاقة الوثيقة بين الزاوية والمخزن هي التي ساهمت أكثر في توسيع نفوذ الزاوية .

 

توفي الشيخ يوسف سنة 1197_1789 بعدما دامت مسيخته قرابة أربعين سنة.
5-علي بن يوسف الناصري(بدء التراجع)
يذكر عمالك أنه وحسب المصادر لا يعرف شيئا عن هذا الشيخ قبل توليته شؤون الزاوية الناصرية، ما عاد ولادته التي كانت سنة 1145-1733، غير أن حظه من العلم لم يكن موفورا كباقي أسلافه .كما قيل أنه ولي شؤون الزاوية مباشرة بعد وفاة والده فسار على نهج سلفه.
تذكر المصادر أنه خلال هذه الفترة طبعت العلاقة بين الزاوية والمخزن نوع من التوتر،واستمر على ذلك الحال إلى حين وفاته سنة 1235-1819.
6-أبي بكر الناصري
هو أبو بكر بن علي بن يوسف بن محمد الكبير بن محمد ابن ناصر، ولد سنة 1201-1787 تولى مشيخة الزاوية بعد وفاة والده. أول ما يمكن ذكره هنا أن الشيخ أبي بكر عرف معارضة أقربائه، ما دفع به لزيارة مراكش لطلب الدعم من المخزن، فتمت فعلا توليته مشيخة الزاوية بمساعدة من السلطان الذي كان هو الاخر في حاجة لمساعدة الزاوية خاصة في خضم الظروف، التي كانت تعم جهة وادي درعة .هكذا ظلت العلاقة بين الزاوية والمخزن ودية طيلة هذه الفترة حتى بعد وفاة الشيخ سنة 1281-1864.
7-محمد بن أبي بكر الناصري
هو محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف بن محمد الكبير بن محمد ابن ناصر، الذي تولى شؤون الزاوية بعد وفاة والده وقبل ذلك كان نائبا عن والده بالزاوية بمراكش .اقتفى أثر أجداده، غير أنه عرف هو الاخر معارضة من قبل أقربائه ما دفع السلطان لمنحه ظهيرا لفض النزاع ومن هنا ظلت العلاقة بين الجانبين وتيقة .ومن أهم ما أثاره عمالك هنا هو مسألة هيبة الزاوية التي تراجعت بفعل عمليات السلب والنهب التي تتعرض لها من قبل قبائل أيت عطا، فاستمرت الأوضاع على حالها حتى وفاة الشيخ سنة 1304-1886 بزاوية أدوار ببلاد سوس فنقل جتمانه إلى تامكروت.
8-محمد الحنفي(النزاع حول المشيخة)
هومحمد المدعو الحنفي، ولي مشيخة الزاوية بعد وفاة والده بعدما تخل له هذا الأخير لدى السلطان مولاي الحسن (ليشد له العضد).إلا أن عمه حل بينه وبين المشيخة بعد استيلائه عليها، متجها بذلك الشيخ الحنفي إلى مراكش لطلب الدعم من رجال المخزن، يدكر عمالك أنه تم اللقاء أو الجمع بين المتنازعين لدى السلطان لحسم المسالة اذ نزع الحكم من أحمد وسلمه للحنفي، فكون بذلك علاقة جيدة مع السلاطين ورجال المخزن، حيث بلغت تلك العلاقة أوجها في عهد السلطان مولاي عبد العزيز .هكذا ظلت الأوظاع مابين الزاوية والمخزن في وفاق ما جعل منه شيخا كباقي أسلافه يحظى بمكانة معززة حتى وفاته سنة 1325-1907.
وكخلاصة فقد قام الكاتب عمالك هنا في اطار هذا الباب عن توالي مشلييخ الزاوية الناصرية اشؤونها قرابة فرنين ونصف من الزمن (1052-1325_1642-1907),استنتج من خلالها اهم النقط التالية :
-فترة تأسيس الزاوية كانت في مدة تاريخية مضطربة.
-انتقال زاوية تامكروت من زاوية صغيرة ومحدودة المهام إلى أكبر مركز علمي صوفي في المغرب خلال العصر الحديث.
-مع توالي الشيوخ على الزاوية الناصرية، بدأت بوادر التراجع خاصة في عهد الشيخ علي بن يوسف بعد أن بدأ السلاطين يتدخلون في شؤون الزاوية وشيوخها .

 

-تحول شيوخ الزاوية الاواخر إلى عناصر عملت عن طواعية لدعم السلطة المخزن في وادي درعة وسوس .

المصدر